إسبانيا تعلن حاجتها إلى 100000 مهاجر سنويا
بعدما صادقت الحكومة الإسبانية على خطة عودة 100 ألف مهاجر في إسبانيا والالتحاق بأوطانهم بصفة طوعية، وهي الخطة التي تأتي في ظل مرور إسبانيا بأزمة اقتصادية وتستهدف بشكل رئيسي، المهاجرين المغاربة والمهاجرين المنحدرين من بلدان المغرب العربي، ظهر في مقابل ذلك، بأن الاقتصاد الاسباني يحتاج إلى نفس هذا العدد من المهاجرين لسد فجوة في قطاع الشغل بصفة سنوية. فقد أعلن التقرير السنوي الصادر عن دائرة الهجرة بإسبانيا يوم أمس الأربعاء بمدريد، بأن اقتصاد هذا الأخيرة يعاني من نقص حاد في اليد العاملة، ويحتاج بالتالي بشكل طارئ وبمعدل سنوي لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية، إلى 100000 ألف مهاجر ممن لديهم مؤهلات علمية. وهو ما يؤكده على نحو مواز، التقرير الصادر عن البنك المركزي الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية، حيث تكهن المصدر نفسه بأنه لغاية 2020، فإن إسبانيا في حاجة إلى مليون و300000 ألف من اليد العاملة المؤهلة من أجد سد الفجوة الحادة بين العرض والطلب بمجال التشغيل في القطاعات الاقتصادية الإسبانية.
ويركز الفاعلون الاقتصاديون في الجارة الإسبانية على تحولات قطاعات الشغل في هذا البلد حيث يتركز التشغيل في الفترة الأخيرة في قطاع الاتصالات بدل قطاع الخدمات والبناء، بحيث تشير التوقعات الاقتصادية بأن إسبانيا تحتاج إلى 25000 مهندس في هذا المجال، لا يمكن العثور حتى على ربعهم في داخل إسبانيا. وقد دقت الشركات العاملة في هذا القطاع ناقوس الخطر حول هذه الفجوة في اليد العاملة، حيث أرجع الفاعلون الاقتصاديون أسباب هذه الفجوة بالجارة إلى أن عدد الخريجين المؤهلين من الجامعات الإسبانية في هذه التخصصات ليس كافيا لسد الثغرة، بل ولا تتعدى نسبتهم 20 في المائة من الطلب، في العشر سنوات الأخيرة، فضلا عن أن الكثير من هؤلاء الأخيرين يرحلون بدورهم نحو دول أخرى بحثا عن أجور أفضل مما هو موجود في إسبانيا.
وإلى ذلك، خرجت جمعية المقاولات العاملة في التكنولوجيات والمعلوميات والتواصل بإسبانيا بإدانة صريحة لجميع العوائق البيروقراطية الموضوعة من طرف الحكومة المركزية الإسبانية لجلب اليد العاملة المؤهلة من بلدان العالم الثالث عن طريق عقود عمل غير محددة المدة عوض العقود المؤقتة المفروضة حاليا.
وفي نفس وقت الشروع في تنفيذ العودة الطوعية على المهاجرين المنحدرين من بلدان المغرب العربي، تصوب الشركات الإسبانية بالمقابل، نظرها نحو البلدان اللاتينية من أجل البحث عن يد عاملة مؤهلة في كل من كولومبيا وفينزويلا والبيرو والشيلي، كما تجد هذه الشركات نفسها مجبرة أيضا على البحث على يد عاملة في بلدان أوروبا الشرقية مثل رومانيا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا، لجلبها من أجل العمل في إسبانيا.
وكانت الخطة مثيرة الجدل المصادق عليها في الشهر الماضي من طرف الحكومة الإسبانية، تنص على تمكين المهاجرين من الحصول على منحة بطالة على مرحلتين بحيث يحصلون على 40% في الأراضي الإسبانية و60% بعد شهر من عودتهم إلى بلادهم، ولن يكون في مقابل ذلك، بإمكان المستفيدين من هذه الخطة الحصول مجددا على تأشيرة إقامة أو عمل في إسبانيا قبل مرور ثلاث سنوات من مغادرتهم، فيما سيمنح هؤلاء بعد خمس سنوات "الأولوية في العودة للعمل" في إسبانيا.
وقررت الحكومة تبني هذه الإجراءات لدفع المهاجرين إلى المغادرة بسبب مزاعم الحكومة الإسبانية حينئذ حول الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد التي يتوقع أن تكون نسبة النمو فيها في العام الحالي أدنى من 2% وذلك بعد تحقيق 3.8% في 2007، وبعد أن تراجعت نسبة البطالة إلى أدنى مستوى لها في صيف 2007 أخذت هذه النسبة في الارتفاع مجددا بسبب تقلبات سوق العقار ما يحرم الكثير من المهاجرين من فرص العمل.
ويشار إلى أن استطلاعا للرأي قامت به جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا أوضح بأن 83% من المهاجرين المغاربة في إسبانيا يرفضون مشروع العودة الطوعية للمهاجرين، بينما أبدى 11.8% منهم استعدادهم للعودة لكنهم رفضوا شروط المغادرة، سواء المتعلقة بقيمة التعويض أو التنازل عن الإقامة.
وكانت الحكومة الإسبانية قد صادقت في 19 سبتمبر على خطة لدعم عودة المهاجرين لبلادهم طواعية، بعد تلقي مساعدة مالية و إعانة بطالة. وتتلخص فكرة الخطة في حصول المهاجرين غير الأوروبيين الذين ينضمون لبرنامج العودة الطوعي على 40% من إعانة البطالة "تراكمية وبشكل مسبق" قبل مغادرة إسبانيا ليتقاضوا باقي المبلغ بعد شهر من وصولهم إلى بلادهم، مقابل عدم تقدمهم بطلب تصريح إقامة وعمل جديد في إسبانيا قبل ثلاث سنوات من تاريخ مغادرتهم البلاد. وأوضحت الحكومة أن هدف الخطة هو خدمة التنمية في دول المهاجرين الأصلية عن طريق عودة أشخاص مؤهلين وبحوزتهم موارد لمواصلة العمل هناك. وقالت إن حوالي 100 ألف مهاجر من 19 دولة، غالبيتهم من المغرب والإكوادور وكولومبيا، يمكنهم التكيف مع هذه الخطة.
وتشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن المعهد الوطني الإسباني للإحصاء، أن عدد المغاربة المقيمين بأسبانيا بلغ 644 ألفا و688 شخصا، بحيث يشكلون أكبر جالية أجنبية لا تنتمي للاتحاد الأوروبي يأتون في المرتبة الثانية بعد الجالية الرومانية التي بلغ عدد أفرادها 728 ألفا و967 شخصا